استهدف قصف إسرائيلي الإثنين قطاع غزة غداة إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن المعارك “العنيفة” ضد مقاتلي حركة حماس “على وشك الانتهاء” ولا سيما في مدينة رفح في جنوب القطاع غير أن الحرب ستتواصل.
وردت حركة حماس الإثنين مؤكدة أن أي اتفاق يجب أن يتضمن “تأكيدا واضحا على وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل من قطاع غزة”، وهما شرطان ترفضهما إسرائيل.
وبمواجهة الضغوط الشديدة من الرأي العام الإسرائيلي، أكد نتانياهو في المقابلة التي أجرتها معه القناة 14 الإسرائيلية أنه لن يقبل أي اتفاق “جزئي”، مؤكدا أن “الهدف هو استعادة الرهائن” المحتجزين في غزة منذ هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، و”اجتثاث نظام حماس في غزة”.
وأكد أن “المرحلة العنيفة من المعارك ضد حماس على وشك الانتهاء. هذا لا يعني أن الحرب على وشك الانتهاء، لكن الحرب في مرحلتها العنيفة على وشك الانتهاء في رفح”.
وباشر الجيش الإسرائيلي في مطلع أيار/مايو هجوما بريا على رفح، المدينة الواقعة على الحدود المصرية، بهدف معلن هو القضاء على حماس.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بأنّه حتى 17 أيار/مايو، لم يبقَ في رفح سوى 750 شخصاً، بعدما كانت تؤوي 1,4 مليون فلسطيني، نزحت غالبيتهم العظمى بعد الهجوم البرّي الإسرائيلي في السابع من أيار/مايو.
وقالت سميّة العمارين الستينية النازحة من حيّ الزيتون في مدينة غزة في شمال القطاع “اوقفوا الحرب وخلصونا من القتل والموت، نحن لا نعيش، جميعنا أموات مع وقف التنفيذ”. مضيفة “يكفي قتل الأبرياء ونسف وقصف وتدمير البيوت، أصبحت حياتنا جحيما لا يطاق والعالم يتفرج”.
– “لا بدّ أن تقع حرب” –
وقال نتانياهو ردا على سؤال أنه “مستعد لعقد اتفاق جزئي” يسمح بالإفراج عن قسم من الرهائن، قبل “مواصلة الحرب”.
وفي هذا السياق، حذر منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الإثنين بأن “إنهاء القتال في غزة من دون تحرير الرهائن سيكون فشلا وطنيا غير مسبوق وانحرافا عن أهداف الحرب”، مؤكدا أن “مسؤولية وواجب إعادة جميع الرهائن تقع على عاتق رئيس الوزراء.
ويواجه نتانياهو انتقادات شديدة داخل إسرائيل حيث تظاهر أكثر من 150 ألف شخص بحسب المنظمين مساء السبت في تل أبيب للمطالبة بانتخابات مبكرة وبعودة الرهائن، في أكبر تجمع منذ اندلاع الحرب.
كما تسببت الحرب في قطاع غزة بتصاعد التوتر مع حزب الله على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، ما يبعث مخاوف متزايدة من اتساع النزاع.
وقال نتانياهو في مقابلته الأولى مع قناة تلفزيونية إسرائيلية منذ بدء الحرب، “بعد انتهاء المرحلة العنيفة، سنعيد نشر بعض قواتنا نحو الشمال، وسنفعل ذلك لأغراض دفاعية في شكل رئيسي، لكن أيضا لإعادة السكان (النازحين) إلى ديارهم”.
وأدى تبادل القصف اليومي بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المتحالف مع حماس والمدعوم من إيران، إلى نزوح عشرات آلاف الأشخاص من المناطق الحدودية في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.
وقالت هيلين أبيرغيل وهي من سكان كريات شمونة في شمال إسرائيل تقيم حاليا في فندق في تل أبيب “ستندلع حرب” وتابعت المرأة البالغة 49 عاما متحدثة لوكالة فرانس برس “لا بدّ أن تقع حرب لإبعاد حزب الله عن الحدود”.
وفيما ينتقد نتانياهو التأخير في تسليم أسلحة أميركية في مرحلة تشهد تشنجا بينه وبين الحليف الأميركي، وصل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن لإجراء محادثات وصفها بأنها “حاسمة” لمجرى الحرب.
وأعلن نتانياهو الأحد أن “الخلاف” مع واشنطن “سيحلّ في مستقبل قريب”.
– “نهب وتهريب” –
وفي قطاع غزة، استهدف قصف مدفعي الإثنين رفح ومخيم النصيرات المجاور (وسط)، وكذلك حي الزيتون في مدينة غزة (شمال) حيث أفيد عن معارك، بحسب شهود.
وأعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل عن مقتل مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة في غزة هاني الجعفراوي وعامل آخر في مجال الصحة في ضربة جوية على عيادة الدرج في مدينة غزة.
وبحسب وزارة الصحة، قتل ما لا يقل عن “500 من الطواقم الطبية جراء العدوان الإسرائيلي” على القطاع المستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي مواصلة “عملياته المحددة الأهداف” في محيط رفح مؤكدا “تصفية إرهابيين مسلحين” و”تفكيك مداخل أنفاق” في المنطقة.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حماس غير المسبوق داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ 37626 شخصا معظمهم من المدنيين في قطاع غزة، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وفي ظل الوضع الإنساني الكارثي وفيما تحذر الأمم المتحدة على نحو متكرر من مجاعة وشيكة مع تشديد القيود على دخول المساعدات، حذر فيليب لازاريني المفوض العام لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الاثنين من أن “انهيار النظام العام يؤدي إلى عمليات نهب وتهريب متفشية تعرقل إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها السكان بشكل ملح جدا”.
وتسببت الحرب بنزوح سكاني كثيف في القطاع الذي يعد 2,4 مليون نسمة. ويتنقل أكثر من مليون شخص بصورة متواصلة بحثا عن مكان آمن في حين أكدت منظمة الصحة العالمية أن “لا مكان آمنا” في القطاع.
وأفادت الأمم المتحدة استنادا إلى صور من الأقمار الاصطناعية أن حوالى 65% من شبكة الطرقات في القطاع تضررت أو دمرت.